الأربعاء، سبتمبر 30، 2009

الحب من اول نظرة

هل صحيح أن هناك حبا من نظرة أولى؟ وهل صحيح أن هناك كيمياء معينة تتدفق فى الدماء حين التقاء رجل وامرأة فيحصل انجذاب وتقارب؟ وهل صحيح أن المتقاربين أجسادهم يفرزون هرمونات معينة فيحبون أن يسترسلوا فى الحديث إلى ما لا نهاية ؟ فوقت الحب ليس له نهاية ولا يحس به العشاق، ولحظات الانتظار فى الفروع الأمنية وفى أقبية سجون التعذيب كأنها الدهر كله، وهذا يوصلنا إلى أمر عجيب أن الإحساس بالزمن ليس دورة عقارب الساعة بل حالة النفس بين الترقب والانتظار والاندماج والانسجام، وجاء فى القرآن تعبير «إذ تفيضون فيه»!!«وما تكون فى شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه، وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين».أما الحب من النظرة الأولية فهو أكيد ويشعر به الكثيرون ولكن لا يعترفون به، وأما كيمياء الحب فهى أكيدة، ولكن الناس لا يقولونها صراحة ، ومؤشرات الاندماج اثنان؛ عدم الحاجة لثالث فى الحديث، وألا يخجل القرين من قرينه حين يكون بجنبه فى مواجهة الناس.وحسب تحقيقات تتدفق مادة phenylethylamine إلى العقل ويشار إليها اختصارا بـ PEA، عندما يلتقى شخصان ويعجبان ببعضهما.وهذه المادة التى يفرزها العقل تزيد نشاط العقل إلى درجة عالية، حيث تساعد على زيادة سرعة نقل المعلومات بين الخلايا العصبية بشكل كبير، مما يحدث شعورا بالانتعاش والإثارة والسعادة والطاقة العالية، ويفسر قدرة المحبين على المحادثات الطويلة فى آناء الليل، وهم مغمورون فى السعادة وبمادة «البيا»، التى ربما بدونها ستكون هذه المحادثات مملة ومدعاة للنعاس.وقد توصل العالمان الأمريكيان Michael Liebowitz وDonald Klein في المؤسسة النفسية فى ولاية نيويورك إلى اكتشاف عمل هذه المادة، واكتشفا أيضا أن بعض الناس يدمن على تدفق هذه المادة، ما يجعلهم عرضة للوقوع فى قصص الحب، الواحدة تلو الأخرى، وسموهم «مدمنى الإعجاب»، واعتبرا هذا نوعا من الخلل النفسى، فأعطيا بعض مرضاهم مادة تخفف من تدفق «البيا» فى الدماغ ووجدا أن أصحابها بدأوا يميلون إلى شركاء مناسبين أكثر لهم ويبنون العلاقات تدريجيا، واكتشاف التفاعلات الكيماوية التى تحدث خلال مراحل الحب الأولى يجعل كثيرا من علماء النفس وإخصائيى العلاقات العاطفية يحذرون الناس من فهمهم المبسط للحب، وخاصة أن نسبة الطلاق فى شمال أمريكا زادت إلى حد70 فى المائة من الزيجات.فقبل فترة كانت عالمة نفسية فى برنامج تلفزيونى أمريكى تصرخ فى وجه الحاضرين وتقول لهم إن الحب الولهان فى مراحله الأولى نوع من المخدر،وأن انخفاض معدلات هذه التفاعلات الكيماوية فى الدماغ لا تعنى نهاية الحب، وإنما تعنى أن المحب وصل إلى مرحلة أكثر توازنا، وكانت تقول للحاضرين:«أنتم تتصرفون تحت تأثير مخدر كيماوى عندما تتخذون قرارات فى بداية الحب، وتظنون أن الحب انتهى عندما يزول مفعول المخدر».قد تساعد معرفتنا لهذه التفاعلات الكيماوية فى فهمنا لطبيعة الحب، فعندما يتعرض الإنسان للخطر، حسب أبحاث العلماء، فإن الدماغ يفرز مادة «البيا»، وهذا يشرح أيضا قوة قصص الحب الرومانسية خلال الحروب والأزمات، فالناس، حسب تقرير آكرمان، أكثر عرضة للوقوع فى الحب عندما يكونون فى حالة خطر.والحب يزدهر فى الأماكن الغريبة والبعيدة، حيث تكون جميع الحواس فى تركيز قوى بحدة، وربما لهذا يحب الناس قضاء شهر العسل فى مكان بعيد غريب عن مكان عيشهم.ولكن ماذا بعد شهر العسل؟ وماذا يحدث بعد أن تزوج الأمير من سندريلا وعاشا عيشة هنية؟ نعم، ماذا يحدث بعد أن يخف تدفق مادة «البيا» فى الدماغ؟ أظن أنه هنا يكمن التحدى الحقيقى للحب. ولكن من الجيد أن نعرف أيضا كيمياء الحب حتى لا نبقى ضحايا لبحرها الهائج من التفاعلات الكيماوية والهرمونية، وحتى نصل إلى جزيرة الحب الحقيقى وتظهر قوته الفعلية والإنسانية بعد اختفاء كل «مخدرات الحب».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق